اخواني لاحظوا قانون التقاعد الذي يسمى موحد كيف فرق بين رواتب من عمل بالدوله واكمل خدمه فعليه - وبين من تسلق الى الوظيفه كعضو مجلس نواب أو مسؤول آخر بمقدار وطريقة احتساب الرواتب .
الفرق بين رواتب الفقراء والأمراء في قانون التقاعد الموحد
وضع قـــانون التقاعد الموحد الذي اقره مجـــــــلس النواب عام ٢٠١٤ قاعدتين لاحتساب الرواتب التقاعدية ، القاعدة الاولى في المادة (21) والتي تحسب بموجبها الرواتب التقاعدية للرعية من صغار الموظفين (طبقة الفقراء) ، والقاعدة الثانية جاءت بها المادة (37) منه لاحتساب الرواتب التقاعدية لكبار القوم من كبار موظفي الدولة من مدير عام صعودا الى رئيس الجمهورية مرورا بالنواب والوزراء ورئيس مجلس الوزراء وغيرهم من طبقة (الامراء ) .. ويمكن تلمس الفروق التالية بين القاعدتين :
1- احتساب المخصصات : يستحق الامراء رواتبهم التقاعدية عن (الراتب الاجمالي) وهو مجموع الراتب الاسمي والمخصصات ، اما الفقراء فيستحقون رواتبهم التقاعدية عن الراتب الاسمي فقط ، وهذا (اي الراتب الاسمي) قد يقل عن النصف او اكثر في احيان كثيرة عن مقدار الراتب الاجمالي . والغريب ان رواتب الفقراء هي الاقل قياسا الى رواتب الامراء ،وكان يتوجب اقرارا بالعدالة ان تكون القاعدة معكوسة بان تحتسب رواتب الفقراء عن الراتب الاجمالي لقلتها ، وان تحسب رواتب الامراء عن الراتب الاسمي للمبالغة في مقدارها . لكن عدالة الطبقة السياسية رأت ان تزيد من ثراء الاثرياء وتزيد من فقر الفقراء.
2- معدل الراتب : رواتب الامراء تحتسب على اساس اخر راتب ومخصصات تقاضاه الامير ، اما رواتب الفقراء فلا تحتسب على اخر راتب تقاضوه ، بل يكون عن معدل راتبه الاسمي لاخر (36) شهر ، اي ان للفقير حساب شديد ، وبالفلس ، ويكون عن طريق جمع رواتبه الاسمية للثلاث سنوات الاخيرة وتقسيمها على (36) ويكون الناتج هو معدل راتبه الذي يحسب على اساسه الراتب التقاعدي ، اما الامراء فيعفون من ذلك ، فيحتسب لهم الراتب التقاعدي على اساس اخر راتب مع المخصصات ولا حاجة لازعاجهم باستخراج معدل الراتب مثلما يفعل بالفقراء .
3- ربع الراتب : رغم المبالغة في مقدار رواتب الامراء ، فان قانون التقاعد يحتسب لهم بلا مبرر قانوني ربع الراتب الاجمالي كجزء اولي من الراتب التقاعدي ، فمن كان راتبه الاجمالي اربعة ملايين فيكون له استحاق اولي تقاعدي مقداره الربع ومقداره مليون دينار ، ومن ثم يزاد بمقدار ( اثنان ونصف ) من الراتب الاجمالي عن كل سنة ، اما الفقراء فلا يحتسب لهم الربع نهائيا ، فليس لهم الا حقهم بموجب معادلة عدد السنوات مضروبا في (2,5) فقط مضروبا في معدل الراتب لـ (36) شهر ولا يحتسب لهم ربع الراتب مثلما يفعل مع الامراء .
4- مدة الخدمة :- لا يستحق الفقراء راتب تقاعدي الا اذا كانت لديهم خدمة لا تقل عن (15) سنة وان لا يقل اعمارهم عن (50) سنة او في حالات الوفاة والاستشهاد والاسباب الصحية ، اما الامراء فمعفوون من ذلك كله ، فلو كان لاحدهم خدمة يوم واحد يستحق راتب تقاعدي . وهذا يعني امكانية تعيين احدهم في منصب مدير عام فاعلى ليوم واحد من اجل منحه راتب تقاعدي . وهذا ما حصل فعلا في حالات معروفة .
تلك الفروقات الاربعة يتفاقم اثرها في اعدام العدالة الاجتماعية وحسن توزيع الثروة حينما ينظر لحجم الفروقات غير المنطقية بين رواتب كبار موظفي الدولة وبين رواتب صغار الموظفين ، التي قد تصل الى (30) ضعفا. ومن الخطأ الظن بان المشكلة هي ( فقط ) في القاعدة التي جاء بها القانون الجديد لتحديد الرواتب التقاعدية لكبار الموظفين لان تلك نظرة قاصرة ومتجزئة للموضوع .
نعم ، ان تلك القاعدة قاعدة ظالمة ومجحفة ، وتصب في مصلحة كبار الموظفين على حساب صغارهم ، ولابد من الغائها واخضاع كبار الموظفين لنفس القواعد الموضوعية التي يخضع لها صغارهم ، لكن المشكلة الاساسية تمكن في عدم اعتماد معايير العدالة في توزيع المداخيل في كل اصنافها بضمنها تحديد رواتب الموظفين في الخدمة واحكام وقواعد استحقاق الراتب التقاعدي لهم بعد انتهاء خدماتهم, ولنا عودة للحديث في معايير العدالة في توزيع المداخيل والثرورة ، وكيف يتم تطبيقها .