10 أشهر مرت على القرار الجدلي وغير المسبوق الذي اتخذه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عقب فترة قصيرة من استلامه المنصب، عندما أصدر مجلس الوزراء القرار 27 لسنة 2020 القاضي بقطع رواتب محتجزي رفحاء، الذي يصل عددهم لنحو 29 ألف شخص، وإخضاع مستحقاتهم لعدة شروط وفق القرار.
القرار شهد ومنذ أصداره في حزيران/يونيو الماضي، جملة اعتراضات واحتجاجات "مسلحة" وأحداث تصعيدية وقطع للطريق الدولي الرابط بين المحافظات من قبل المستفيدين المنتمين لفئة "الرفحاويين"، وما ترتب عليه من تحركات سياسية لتعطيل القرار الذي يعتبر "مخالفًا" لقانون الشهداء السياسيين، الذي هو الآخر مخالفًا للدستور بحسب قانونيين.
وبالرغم مما حصده القرار من إشادات قانونية وشعبية واعتباره "يطبق العدالة الاجتماعية"، إلا أن الخطوة "الجريئة" التي أقدم عليها الكاظمي، ومحاولاته السابقة للدفاع عن القرار والتأكيد بعدم التراجع عنه، انتهى بعد 10 أشهر من ولادته، إلى الإلغاء، وعلى يد مجلس الوزراء ذاته الذي أصدر القرار، ليعود الكاظمي "خائبًا" من خطوته التي لم تحصد شيئًا، حيث سيكون عليه دفع نحو 300 مليار دينار "دفعة واحدة" إلى المستفيدين من قانون رفحاء، تعويضًا عن رواتب الأشهر السابقة التي توقفت.
وشهدت الأشهر السابقة دفع رواتب لبعض فئات محتجزي رفحاء، ممن قاموا بتحديث معلوماتهم لدى هيئة التقاعد، لتطابق الشروط المنصوصة في قرار مجلس الوزراء، من قبيل إثبات عدم استلام رواتب أخرى سواء تقاعدية أو رواتب موظفين، فضلًا عن اقتصار الراتب على رب الأسرة بدلًا من صرفها لجميع أفراد الأسرة، بالإضافة إلى إثبات الإقامة داخل العراق وليس خارجه، حيث أعلنت مؤسسة السجناء السياسيين في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إطلاق رواتب رفحاء للأشهر من حزيران/يونيو الماضي حتى تشرين الثاني/نوفمبر لـ4 آلاف شخص من محتجزي رفحاء في الداخل فقط من أصل 29 ألفًا الذين أغلبهم خارج العراق بعد تحديث البيانات على وفق شروط قرار 27.
الكاظمي يتراجع عن قراره.. نحو 400 مليار دينار ستصرف دفعة واحدة
وقبل أيام، أقدم مجلس الوزراء خلال جلسته التي عقدت الاسبوع الماضي قراره رقم ( 27 لسنة 2020)، على خلفية تصويت مجلس النواب في كانون الثاني/ يناير الماضي، "بالرفض من حيث المبدأ" قرار مجلس الوزراء الخاص بمحتجزي رفحاء، فيما استثنى المجلس الفقرة (4) منه، والخاصة بالتأكيد على تنفيذ المادة (10) من قانون التقاعد الموحد، الذي يمنعه الجمع بين راتبين، وبذلك سيتم إعادة الرواتب لمحتجزي رفحاء لكافة أفراد الأسرة، وبقيمته السابقة التي تتجاوز المليون و200 ألف فضلًا عن الامتيازات الأخرى مثل دفع 60 ألفًا إضافية عن كل سنة احتجاز، وغيرها من الامتيازات والاستثناءات المتعلقة بالمقاعد الدراسية للدراسات العليا وغيرها، بعد أن حدد قرار مجلس الوزراء السقف الأعلى للراتب مليون دينار، فضلًا عن إعادة الرواتب لمحتجزي رفحاء المقيمين في الخارج.
وعلاوة على ذلك، سيتمّ إعادة الرواتب المتوقفة لجميع الفئات المذكورة وبأثر رجعي لـ10 أشهر، بحسب تصريح مؤسسة السجناء السياسيين.
وقال مدير إعلام المؤسسة ماجد الزركاني في حديث للوكالة الرسمية وتابعه "اخبار العراق"، إن "قرار رئاسة الوزراء بشأن محتجزي رفحاء عرض على مجلس النواب ولم يصوت على إلغاء المادة القانونية المشمولين بها، لذلك سيبقى قانون مؤسسة الشهداء ثابت"، مؤكدًا أن "قرار مجلس الوزراء لم يمرر في مجلس النواب".
وأضاف أن "جميع حقوق محتجزي رفحاء ستعاد لهم بكامل تفاصيلها، لانهم يطلبون الدولة مستحقات مالية ما يقارب الـ 10 أشهر".
وبحسب البيانات الرسمية ورغم التضارب في الأرقام، إلا أن التقديرات تشير إلى أن رواتب محتجزي رفحاء تقدر بـ40 مليار دينار شهريًا، ما يعني أن الحكومة ملزمة بدفع ما لا يقل عن 400 مليار دينار "دفعة واحدة" إلى محتجزي رفحاء ممن قطعت رواتبهم لـ10 أشهر.
هل سيستلمون رواتب 4 أشهر لمرتين؟
في كانون الأول/ديسمبر الماضي، نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مدير عام هيئة التقاعد أياد محمود هادي، تصريحات تحدثت عن صرف رواتب 4 أشهر لـ25 ألف مستفيد من قانون رفحاء، ما يعني رواتب مجمل المستفيدين من القانون حتى اؤلئك الذين لم تنطبق عليهم شروط القرار 27.
هادي قال في تصريحاته التي تابعها "اخبار العراق" حينها، إن "وزارة المالية دفعت للشهر الحالي (كانون الأول/ديسمبر) قرابة 981 مليار دينار، وصندوق التقاعد دفع 570 مليار دينار، حيث بلغ مجموع رواتب الشهر الحالي ترليونًا و550 مليار دينار، لافتًا إلى أن "حجم رواتب الشهر السابق بلغت ترليونًا و363 مليارًا منها 850 مليارًا من خزينة الدولة وأكثر من 400 مليار من الصندوق".
وعزا هادي حينها سبب زيادة نفقات الرواتب التقاعدية لشهر كانون الأول/ديسمبر، إلى "تنفيذ قرار 147 لرواتب محتجزي رفحاء لمدة 4 أشهر"، مشيرًا إلى أن "القرار نفذ من تاريخ 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وليس من 1 تموز/يوليو 2020"، مؤكدًا أن "المستحقين الذين يبلغ عددهم قرابة 25 ألفًا كلفوا الدولة لهذا الشهر مبلغ من 150 إلى 160 مليار دينار".
التصريح يظهر تضاربًا مع ما تحدثت به مؤسسة السجناء السياسيين اليوم الجمعة، عندما أكدت أن محتجزي رفحاء يطلبون الدولة رواتب 10 أشهر، فوفق تصريح رئيس هيئة التقاعد، فإن محتجزي رفحاء من المفترض أنهم يطلبون الدولة رواتب 6 أشهر فقط (عدا اؤلئك الذين استلموا رواتبهم بالفعل بعد تحديث معلوماتهم المطابقة لشروط القرار 27 والبالغ عددهم نحو 4 آلاف شخص)".
وحول هذا التضارب، بدا مدير إعلام مؤسسة السجناء السياسيين، ماجد الزركَاني، لا يعلم شيئًا عن عدد المستلمين وغير المستلمين، والأشهر المدفوعة من غيرها، حيث اكتفى خلال حديث لـ"ألترا عراق" بالقول إن "قرار مجلس الوزراء المرقم 27 لم يحصد تأييد مجلس النواب كونه يخالف القانون، وسيتم إرجاع رواتب 10 أشهر بعد توقفها عن محتجزي رفحاء".
وعند مواجهته من قبل "اخبار العراق" بتصريح هيئة التقاعد الذي يؤكد دفع رواتب 4 أشهر لنحو 25 ألف مستفيد، قال إنه "لا يعلم شيئًا، ولا يمتلك الأرقام ويكتفي بالحديث عن إلغاء القرار كونه يخالف القانون".
وحاول "اخبار العراق" التواصل مع هيئة التقاعد العامة، للاستعلام عن "دقة" التصريح وكيفية صرف الرواتب بالرغم من قرار مجلس الوزراء الساري في حينها، إلا أن محاولات الإتصال بالهيئة باءت بالفشل، في الوقت الذي يطرح تساؤل عما إذا "ستصرف رواتب 4 أشهر لمرتين متتاليتين لمحتجزي رفحاء، والتي تقدر بنحو 160 مليار دينار".